تخفيض كلفة الدواء… لاستكمال ما بدأ العمل عليه حاصباني
يعود الكلام عن وضع الدواء في لبنان وكلفته في الظروف المعيشية الصعبة، وهو من السلع الأساسية التي يؤمن مصرف لبنان الجزء الأكبر من حاجاتها للدولار بهدف الاستيراد الى جانب الطحين والنفط.
الدولة اليوم مديونة لمستوردي الأدوية بأكثر من ٣٠٠ مليار ليرة، ولو كان باستطاعتها تأمين الاعتمادات والدفع بطريقة سريعة عبر وزارة المال وتأمين الإجراءات اللوجستية لإدارة عملية استيراد الأدوية، لكانت وفرت ١٥٪ من الكلفة على الأدوية التي تستوردها لاستعمالها المباشر في الجهات الضامنة الرسمية أي الجيش والقوى الأمنية ووزارة الصحة وتعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي.
ولكن قبل تلك المرحة المعقدة والتي قد تفشل بسبب عدم توافر القدرات لدى الدولة لتوفير الاعتمادات، يمكن لهذه الجهات أن تتعاون لاجراء مناقصة مشتركة توفر نسبة كبيرة جراء حجم الشراء والتنافس بين المستوردين على الأدوية الباهظة الثمن.
كانت هذه الفكرة قد طرحت في ورقة الحكومة الإصلاحية من قبل نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني استكمالًا لما كان قد يدأه عندما كان وزيرا للصحة. ان لجنة تنسيق الجهات الضامنة الرسمية ينص عليها القانون، وهي تكون برئاسة وزير الصحة وعضوية رؤساء الجهات الضامنة الرسمية (وهنا لا نتكلم عن الصناديق الضامنة وتوحيدها)، كان حاصباني قد فعّلها وحصل تعاون في عدة مجالات منها توحيد نصوص عقود المستشفيات ورموز الخدمات الاستشفائية ومناقصة للأدوية شارك فيها في المرحلة الأولى وزارة الصحة وتعاونية موظفي الدولة مع تريث الجهات الأخرى.
اما بالنسبة الى كلفة الدواء بشكل عام، فكان الدواء في لبنان مرتفع السعر لسنوات عدة ان كان في الصيدليات او ما تشتريه الجهات الضامنة الرسمية لاستعمالها المباشر. في عامي ٢٠١٧ و ٢٠١٨، قام حاصباني بتعديل آلية التسعير وتخفيض المدة الزمنية لمراجعة أسعار الدواء، مما خفض الأسعار في عام ٢٠١٩ بمعدل ٣٠٪ ووصل التخفيض على بعض الأدوية الى نسبة ٧٥٪. ونتيجة لهذه القرارات، حصل التخفيض في عام ٢٠١٩ في الربع الأول من السنة وفي عهد الوزير جبق في الربع الثالث وهناك دفعة ثالثة يجب ان تخفض في نهاية السنة.
كل هذه الخطوات من شأنها ان تساهم بتوفير ما لا يقل عن ٣٥٠ مليار ليرة على الدولة والمواطن.
هناك بعض الأصوات التي تعلو مطالبة الدولة بشراء الدواء مباشرة ومن دون وسيط، وتخلط هذه الأصوات بين شراء الدواء للجهات الضامنة الرسمية وشرائه للتوزيع على الصيدليات. بينما يمكن للأولى ان تحصل اذا استطاعة الدولة ادارة العملية وتمويلها بشكل منتظم، لكن الثانية غير ممكنة أولًا لأن الاقتصاد اللبناني حر ويقتصر دور الدولة على تنظيم الجودة والتسعير، اضافة الى ان قدرة الدولة على ادارة عمل بهذا الحجم محدودة وستكون مكلفة أكثر من كلفة المستورد اذا أخذنا بعين الاعتبار كلفة التخزين والتبريد والتوزيع والتلف والتمويل الفوري بالعملات الأجنبية وغيرها، التي تأخذها على عاتقها الشركات المستوردة، ناهيك على كلفة الهدر والفساد في الدولة التي يثور عليها الناس.
فلنبدأ أولاً باستتباع العمل الذي اطلق في ٢٠١٧ و ٢٠١٨ بتفعيل لجنة التنسيق واستكمال عملية تخفيض أسعار الدواء بدل التوجه الى تفكير تأميمي يضر المواطن من حيث الجودة والكلفة أكثر مما ينفع.